إطلالة |
|
د. على محمد فخرو |
في المؤتمر السنوي للمدارس الخاصة الذي عقد في الأردن منذ بضعة أيام انصبت مداخلتي على مجموعة من المنطلقات التي يجب أن تحكم موضوع المدارس الخاصة، خصوصا بعد أن قاربت نسبة الالتحاق بالمدارس الخاصة الأربعين في المائة في بعض الأقطار العربية.أولا: ستكون كارثة اجتماعية لو أن وزارات التربية والتعليم قبلت أن يكون مستوى التعليم العام وجودته أقل من مستوى وجودة التعليم الخاص. إن ذلك سيؤدي إلى أن يكون خريجو المدارس العامة
أقول لكم يا شباب الأمة العربية الثائرين بأنكم ستجدون أنفسكم، المرة تلو المرة، أمام من سيحاول محو المنطلقات التي فجرت ثوراتكم، محوها من ذاكرتكم، وذلك من خلال إدخالكم في عقم الجدليات والصراعات التي لا علاقة لها بمنطلقات وبدايات ثوراتكم المبهرة الشرعية. سيحاول فقهاء السلاطين المذهبيين، من الذين لا يرون في الدين إلا ضيق أفق مذهبهم وقلة تسامحهم، أن يجروكم إلى صراعاتهم الطائفية. سيحاولون تدنيس
هذه ملاحظات كانت حصيلة النظر لمشهد الحراك التاريخي العربي السياسي الحالي: الملاحظة الأولى تتعلق بالشعارات السياسية التي طرحتها لافتات المسيرات والاعتصامات. فالشعارات الناجحة تحتاج أن تركز على الأولويات المفصلية الكبرى، وأن تكون وطنية جامعة تقبلها أغلبية كبيرة من مكونات المجتمع، وألا تغفل أهمية التوازنات والثوابت الإقليمية أو القومية وكذلك أهمية تعاطف الخارج معها، وألا تصاحبها مظاهر
كلما مرت الأيام على ذلك المشهد الثوري العربي المتلاطم، وهو يتفجر من تحت ذلك السبات الذي خيم لعدة عقود، تراكمت الدروس والعبر المغذية للحاضر والمستقبل الممتد في الأفق التغييري الشامل البعيد. واليوم، إذ يصنع العرب قدرهم، يحتاج قادة ثوراتهم أن يعوا جيدا ما قاله الأمين العام السابق للأمم المتحدة، داغ همرشولد، من أننا لا نستطيع اختيار إطار قدرنا ومصيرنا، ولكننا حتما قادرون على أن نضع ما نشاء داخل ذلك الإطار. وما تفعله أو تحصده الثورات الآن جزء أساسي من ذاك
ما إن تخرج جماهير الشعب في أية مدينة عربية لطرح مظالمها أو شعارات مطالبها المعيشية أو السياسية حتى تجد نفسها محاطة بشتي التهم الجارحة لوطنيتها أو بقراءات خاطئة لنواياها أو بجرها إلى متاهات لم تخطر قط على بال من قاموا بتلك المظاهرات الاحتجاجية . إنها لعبة خلط الأوراق لإشغال المتظاهرين بقضايا جانبية لا تمت بصلة لموضوع تظاهرهم، ولزرع بذور الشكٍّ في قلوب المتعاطفين مع المطالب المطروحة
لنمعن النظر في المشهد الإيرلندي السياسي: حكومة حزب يحكم بأغلبية برلمانية ساحقة عبر العديد من عقود الزمن، لكن الحزب الحاكم بعد مجد طويل يرتكب غلطة العمر في إدارة الحياة الاقتصادية الإيرلندية، الأمر الذي يؤدي إلى أزمة مالية كادت أن توصل البلد إلى الإفلاس والانهيار الاقتصادي. فماذا فعل الشعب الإيرلندي كرد فعل لما ارتكبه الحزب الحاكم؟ لم يكن بحاجة لأن يخرج في الشوارع ليصطدم بقوى الأمن وتسيل دماء الأبرياء
من المؤكد أن جميع الشعوب العربية دون استثناء قد حسمت أمرها عاطفيا ونفسيا وذهنيا مع مطلبي الحرية والديمقراطية. ومن المؤكد أيضا أنها على استعداد أن تدفع ثمنا غاليا، من دمائها ونفيسها وأمانها، من أجل حسم هذين الموضوعين. وهي بذلك تحاول إحداث قطيعة جراحية مع خوف تاريخي من سطوة الاستبداد وتردد وجهل مفجعين لمواجهة رموزه ووسائل بطشه عبر قرون من ممارسة السياسة ببلادة وقلة حيلة.
ـ سيستمر رعد ثورتي تونس ومصر يملأ آفاق الوطن العربي، وبرقهما ينير الأبصار والبصائر. ومثلما فعلت أخت لهما من قبل، في يوليو 1952، فان أصداءهما ستظل تملأ آفاق أرض العرب لعقود قادمة. وما علينا إلا الانتظار لتفاجئنا الثورتان بما لم نحلم به. ولنتذكر أن الثورات هي مثل الأمواج الزاحفة، ما إن تصعد إحداها وتهبط حتى تتبعها موجة أخرى فتدفعها نحو الصعود. وهكذا، فبعد أن رانت على أرض العرب ظلمة سياسية حالكة
ما يجعل ما حدث وما لا يزال يحدث في تونس ومصر أقرب إلى إرهاصات ثورة حقيقية هو أن أحداثهما كانت نتيجة تراكمات من الممارسات السياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية الفاسدة الخاطئة المضرة بالناس، وبشكل لم يترك أحدا إلا وطاله، وبأعلي مستوي من أساليب الاستبداد المتعجرف.. فكان أن تكون عبر العقود من السنين شعور عام جارف بالحاجة إلى تغييرات جذرية شاملة في الأشخاص والسياسات والمؤسسات، بالحاجة إلى ثورة
كل تعابير الوصف والتحليل والعبر لمسار ثورة تونس الشعبية تتطابق مع مسار ثورة مصر الشعبية: انتفاضة شعبية عفوية مبهرة ضد نظام طغيان وطغاة، ارتباك وعجز وتخبُّط مضحك من قبل النظام ومسانديه في بعض عواصم العرب والغرب والكيان الصهيوني، إصرار بطولي بالغ الوعي من قبل جماهير الثورة على مطالب واضحة لا تقبل المساومة الانتهازية المذلة لشعب مصر العربي العظيم المفاجئ للتاريخ وللعالم.
لنقرأ اليوم بدايات المشهد المبهر الذي تكحلت به عينا الأمة العربية عبر شهر من الزمن من خلال فهم ما وراء تجلياته التي تلاحقت على أرض تونس العربية كفصول في ملحمة تكاد أن تكون أسطورية لا
في مذكراته ينقل الشاعر البريطاني الشهير رديارد كبلنج عن سياسي بريطاني قوله بأن امتلاك السلطة بدون تحمل أية مسئولية يماثل تماماً السلطة التي ملكتها المحظيات عبر العصور.