زوايا |
|
فريدة الشوباشي |
يصعب إن لم يستحيل ألا ينتاب الناس قدر لا بأس به من الحيرة والبلبلة، يتسع أو يضيق حسب التقدير الشخصي أو اختلاف الرؤية أو تباين وجهات النظر بصدد خطورة موضوع أو آخر على ثورة 25 يناير، وتأتي الحيرة ويأتي التساؤل بصورة أساسية تجاه موقف الدولة وهو ما يعني تجاه المجلس العسكري الأعلى الذي يتولي الحفاظ على الثورة وشرعيتها كما تعهد جيشنا العظيم وكذلك تجاه حكومة الدكتور عصام شرف الذي يتفق الجميع على نزاهته وأنه اختيار
في حواره مع الفنان عمرو واكد فجر الأستاذ محمد حسنين هيكل، كالعادة، ما لا يقدر غيره على تفجيره وقد تناول الحوار بالتعليق والتحليل - وأحياناً بالنقد لزوم الشهرة! عدد كبير من الأقلام المحترمة إضافة إلى ردود الفعل والأصداء الواسعة للجماهير كلماً كانت للأستاذ «طلة» عبر شاشات التليفزيون.. وبناء عليه فلن أخوض في أمور كثيرة أثارها الأستاذ ولكن ما يقض مضجعي منذ مشاهدتي للحوار هو أنه وضع يده بأستاذيته المعهودة على أصل الدّاء وأعني به «الصندوق الأسود».
من أهم نتائج ثورة الخامس والعشرين من يناير أنها، أي الثورة، وكل ما يتصل بها من تداعيات أو شعارات أو تغيرات سياسية أو تحليلات.. إلخ.. إلخ. باتت الموضوع الوحيد أو الأساسي في أي حديث يجري في بلدنا، سواء كان الحديث على مائدة طعام أو حول فنجان قهوة فإن «الثورة» هي بؤرة الاهتمام وهي كذلك في المكالمات الهاتفية «الثنائية» مثل تلك التي جرت بين العمدة الشهير بالفنان صلاح السعدني وبيني كان الفنان الكبير قلقا
من أروع تجلىات ثورة 25 ىناىر أن الشعب أوضح توجهه ودواعى ثورته وبعد صمت دام نحو ثلاثىن عاما قرر «الشعب» الافصاح عما ىرىد ومن أساسىات هذه الثورة الشعار الرائع «الشعب والجىش إىد واحدة» وكان آخر نتائج إنصات الجىش لصوت الشعب تكلىف د. عصام شرف بتشكىل حكومة جدىدة بكل ما تحمل الكلمة من معان حىث ىتكشف الآن بعض من «الصعوبات» الذى اعترضت طرىق التغىىر الجذرى التى واجهها الفرىق أول الدكتور أحمد شفىق الذى تكاد تجمع الآراء
ظلت الشعوب العربية لنحو أربعين عاما سجينة قيود فرضها الحكام الذين تجاهلوا أمانيهم وتطلعهم إلى العيش بحرية وكرامة، وادعي هؤلاء الحكام أنهم يتبعون سياسة حكيمة تتلخص في شعار مقيت هو »العين لا تعلو على الحاجب« ومفاد هذه السياسة الرضوخ الكامل لأعداء الأمة العربية وتلبية كل ما يملونه عليهم للحفاظ على كراسيهم وقمع الشعوب العربية ومن ثم ترك الحبل على الغارب لأطماع إسرائيل ومن هم وراء زرعها شوكة في العالم
فى خطابه الثالث منذ اندلاع ثورة 25 ىناىر جاءت عبارته: ىحز فى نفسى ما لاقىته من بعض بنى وطنى! وفى ذات اللحظة استغربت الأغلبىة الساحقة من عدم إدراك الرئىس أو إحساسه بما حز فى نفوسها من قمع وقهر وتجوىع وإهانة وإخراس أى صوت حق وتقدىم بلدنا كبلد ىعىش على «المنح؟!» فالعمال ىهتفون «المنحة ىارىس» و«الرىس» ىبتسم لأنه وافق وسط التهلىل وسمح للصوص برفع الأسعار وزىادة الضرائب بقدر ىفوق المنحة الضئىلة بمراحل.
ىواصل الشعب التونسى ثورته العظىمة بوعى ىستوجب الإعجاب والتأمل، إذ ىعطى للدنىا كلها الدرس تو الآخر فلم ىستسلم «للتفسىرات» الانتهازىة بدءا بما قاله الرئىس المخلوع زىن العابدىن بن على فى آخر خطاب له: فهمت.. الآن فهمت!! أى بعد نحو ربع قرن من الحكم.. فكان رد الشعب بكل فئاته.. وأطىافه أن «ارحل» فكفانا عدم فهم كل هذه السنىن... وبعدما حاول رئىس وزرائه أو من ىسمى بالوزىر الأول محمد الغنوشى «احتواء» الثورة وادعاء أن الإصلاحات مطلب واجب التلبىة..
يختلف الناس حول دور الفرد في التاريخ فيذهب بعضهم إلى أنه دور «معدوم» حيث المسئولية تقع على المؤسسات ويري البعض أنه دور «محدود» وفقاً للظروف والأوضاع من جهة وقدرات الرجل الفرد على الرؤية والاستشراف وما يتحلي به من إرادة في مواجهة المصاعب وعلاقاته بشعبه والجوار والعالم من جهة أخري.
انتفض الشعب المصري غضبا نبيلا ليعلن بأعلي وأوضح صوت أننا عنصر واحد ونسيج واحد بمفهوم تعريف الشعوب والدول دون أن ننسي أن كل إنسان يختلف عن الآخر في التفكير نظرا لاختلاف الملكات الذهنية، وفي الوجدان نتيجة ظروف الحياة والبيئة التي نشأ فيها، ويستحيل فرض رؤية معينة دينية كانت أو فلسفية أو فكر معين أو نمط حكم يريد أن يفرضه فصيلاً على فصيل، أو جماعة على مجتمع، انتفضت مصر وأبناؤها يراقبون اليوم استفتاء الجنوب الذي سينتهي في السودان بفصل شماله عن جنوبه وأن ذلك التفتيت ليس في الأغلب نهاية المطاف..