سؤال برئ |
|
محمد حماد |
قد تكون شهادتي مجروحة في يحيى قلاش، صديق العمر الجميل، ولكني أقدم شهادة لله وللتاريخ وللصحفيين
كان عمري وقتها لا يزال تحت العشرين، ولا زال أتذكر تلك الأيام كأنها حدثت بالأمس، كان الوقت ما بعد
عندما قرأت موعد المحاضرة التي سيلقيها رئيس وزراء ماليزيا السابق في مصرن دونت الموعد في أجندتي ووضعتها أمامي
لو أن بيدي أن أوجه كلمة إرشادية تلهم لجنة المائة المنوط بها وضع الدستور الجديد لمصر ما بعد الثورة، لقلت
أتحدى الرئيس المخلوع حسني مبارك أن يبادر إلى تنفيذ وعيده الفارغ بمقاضاة من يراهم أساءوا إليه أو إلى أسرته، بل وأدعو الله أن يفعلها مبارك ويقيم دعوى قضائية ضدي أو ضد أي ممن يقصدهم بوعيده. ستكون فرصتنا التي أتمنى أن تحدث لكي نحاكمه ونحاكم نظامه الفاسد المفسد، وستكون ساحة المحكمة هي نفسها صفحات التاريخ الذي عشناه على مدار ثلاثين سنة، سنقلِّب فيها أسوأ صفحات مرت على مصر في تاريخها الطويل، صفحات عنوانها النهب المنظم
ظل يعمل محامياً حتى النهاية، لم يرتزق من عمله السياسي، نظيف اليد عفيف اللسان، صلب الموقف، وكان يرحمه الله لين الجانب، يألفه ويألفك بسرعة من يعرفون بعضهم البعض من زمن طويل، اقتربت منه منذ خرج من السجن وحتى ما قبل أيامه الأخيرة، التي دخل فيها امتحانه النهائي قبل أن تصعد روحه الطاهرة إلى بارئها، وكان له عادة المرور صباحاً حين يكون في القاهرة على مكتب أستاذنا العزيز عبدالعظيم مناف في مجلة الموقف العربي، وكان لنا معه حوارات
أرجو ألا يتهمني أحدكم بالتشاؤم إذا عرف أنى لا أعول كثيراً على الحوار الذي يقوده الدكتور يحيى الجمل، ليس لعيبٍ في الداعي للحوار، ولكن لعيوبٍ كثيرةٍ في أسلوبه، وفي تصوره لهذا الحوار، وهو تصور "مصطباوي" لا ينتج أثراً حقيقياً، ولا ينتظر منه غير المزيد من الكلام، الذي هو بضاعة هذه الأيام. وقد أبدى كثيرون، حتى من المشاركين في حوار مصطبة مجلس الوزراء، تشككهم في جدية الحوار، ونحن معهم، ونقول إذا أردتم حواراً جاداً فتعالوا نتفق على
مصر خائفة من نفسها.. وخائفة على نفسها... إذا دققت في أسباب رفض أو قبول التعديلات الدستورية ستجد في العمق تخوفات من هذا الفريق ضد الفريق الآخر، الذين يقولون لا للتعديلات يتخوفون من جماعة الإخوان المسلمين ومن بقايا النظام السابق وفلوله، والذين يقولون نعم للتعديلات متخوفون من العلمانيين المتطلعين إلى إلغاء المادة الثانية من الدستور، وهذا يفسر نوعية الاصطفاف الحاصل حول التعديلات الدستورية، القوى الحديثة والعلمانيون واليسار
لديّ اقتراح أظن أنه يخرجنا من المأزق الذي وجدنا فيه أنفسنا في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ ثورتنا المجيدة، الاقتراح أقدمه إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة المؤقتة، وهو بكل بساطة يفتح المجال واسعاً مرة أخرى لكي نصحح مسار الفترة الانتقالية، ويصوب الاتجاه إلى تحقيق أهداف الثورة كاملة غير منقوصة. قبل أن أذكر اقتراحي أود التأكيد على أن ما حققناه كثير، ولابد أن ندرك جميعاً
حتى لا يساء فهم حديثي هذا أبدأ بالقول إن الأمن حاجة ملحة، وأن ضباط الشرطة وأفرادها ليسوا حفنة أشرار لا خير فيهم، بل أجزم أني شخصياً تعاملت واقتربت من كثيرين منهم يعتز بهم الوطن ويقدرهم المواطنون، وأقرر أن استعادة الشرطة مطلب وطني جامع. ولكني أؤكد أن الشعب فاض به الكيل وطفح، وهو يريد استعادة الشرطة من خدمة الحاكم إلى خدمة المحكومين، نريد استعادة هذا الجهاز المهم
ماذا لو أصبحت أنت رئيساً للجمهورية؟ لست في حاجة إلى القول، إن مهمة الكاتب هي كشف المستور، وتعرية الأخطاء، ويكفيه شرفاً أن يكون إلى جانب تطلعات الناس، يناصر كل خطوة إلى الأمام، ويعادى كل تراجع إلى الخلف، يكشف ويضيء الطريق إلى المستقبل، وهو ليس مطالباً بما يطالب به الحكام، هم لهم مهمة أن يحكموا وفق رؤية وسياسة واضحة، وهدفهم يجب أن يكون تحقيق مصالح الناس، لا تحقيق مصالحهم الشخصية
حلمت طويلا بهذه الثورة، وكتبت من أجل يوم أستطيع أن أقول فيه كلمة: العهد البائد، ولكني أصدقكم القول إن ما حدث فاق كل أحلامي، كنت مؤمناً إيماناً غيبياً بأن التغيير سوف يحدث، ولم أفقد لحظة حماسي لهذا اليوم الذي كنت أراه يأتي مجلجلاً فوق قضبان تصنعها إرادة الناس، أعود فأعترف، أن وقائع ما جرى خلال ثمانية عشر يوما كانت فوق قدرتي على توقعها على هذه الصورة النموذجية، وهذه الخلطة العجيبة التي سبكت من الجدية والعزم والإصرار والنبل.
مثل رمال الصحراء الناعمة، تستطيع أن تمشي فوقها مسافة طويلة، ولكنك لن تعرف متي تفاجئك، وتتحرك، وتبتلعك. من اللحظة الأولي التي وطئت فيها قدمي ميدان التحرير عرفت أننا إزاء ثورة هي الأنبل أهدافاً، ووسائل، دعا لها وقاد طلعتها الأولي أنبل شباب هذه الأمة، واستطاعت أن تظهر أنبل ما في الشعب المصري من صفات وطاقات.
من يصدق الرئيس عندما يعد بأنه سوف يعمل على انتقال آمن للسلطة بعد تسعة شهور، وهو الذي أقسم من قبل خمس مرات بالله العظيم أنه سيحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري، ورغم هذا اليمين المغلظ كان يسعى من أجل توريث نجله الصغير مقعده الرئاسي؟
غضب شعبي عارم، وعجز بوليسي ظاهر، وبدايات تمرد في الجيش، كلها ظواهر تنذر بقرب النهاية، نهاية كل نظام قمعي، نهاية كل ظالم مستبد، ليَثْبُت مجدداً أن القمع لا يحمي نظاماً، ولا يقيم شرعية، ونهايته ـ مهما طال واستفحل ـ أقرب مما يتوقع أهل الحكم.
كنت أتمني على الصديق العزيز عبدالله السناوي رئيس التحرير أن يختار عدداً من قيادات الحزب الناصري لكي يفعل معهم ما كان يفعله مع الأدباء والمبدعين الكبار، فقد كان يقترح على أدبائنا أن يكتبوا صورة قلمية متخيلة للقاءات مفترضة مع جمال عبدالناصر، اقترح على أسامة أنور عكاشة أن يكتب عن لقاء مفترض له مع عبدالناصر يناقشه فيه حول أفكاره المستجدة وقتها عن العروبة والقومية العربية، واقترح على المبدع الكبير محفوظ عبدالرحمن أن يكتب تحت عنوان: عبدالناصر يعود لحكم مصر، وكان من بين اقتراحاته على الأديب الكبير علاء الأسواني أن يكتب عن لقاءٍ يتم بين عبدالناصر ومبارك يدور الحديث فيه عن أوضاع مصر الحالية.