كلام أخر |
|
وفاء حلمي |
سيل من القوانين يصدرها المجلس العسكري.. كل يوم يفاجئنا المجلس بقانون جديد، دون أن نعرف كيف أعد ولا من أعده ولا الضرورة منه.. كل السلطات غائبة إلا سلطة المجلس.. الذي ينفرد الآن بإصدار القوانين.. أما الشعب الذي من المفترض أنه صنع ثورة أطاحت برأس نظام فاسد، يجلس في مقعد المتفرج وليس المشارك.. وحين نناقش يغضب أصحاب القرار.. حدث ذلك يوم الأربعاء الماضي 30 مارس حين استضاف الإعلامي يسري فودة في برنامجه (آخر كلام)
الأسبوع الماضي كتبت كما كتب الكثيرون.. وتحدثت كما تحدث الكثيرون من القانونيين والمثقفين عن خطورة إجراء تعديلات على دستور 1971 الذي من المفروض أنه سقط بسقوط النظام.. ودفن مثلما دفن النظام سياسيا.. قلنا أن فكرة تعديل الدستور تعني إحياؤه.. وإحياؤه يعني عدم دستورية تولي القوات المسلحة للسلطة في البلاد، وبالتالي عدم دستورية القرارات الصادرة عنها.. وهو أمر مخيف للجميع
لم تبق سوي ساعات ويبدأ الاستفتاء على التعديلات الدستورية البغيضة.. تلك التعديلات الدستورية التي أعلنت معظم القوي السياسية رفضها القاطع لها، واتفق الخبراء والسياسيون على أن هذه التعديلات تمنح الحياة لدستور 1971 الذي سقط بفعل الثورة.. لقد كان مطلب الثورة الأول هو (إسقاط النظام) والنظام يعني رئيس الدولة، والحكومة بكاملها والدستور الذي استند عليه النظام في حكم البلاد.. وسقط الرئيس وسقطت الحكومة، وتصورنا أن الدستور
ستة أيام فقط على الموعد المقرر لإجراء استفتاء 19 مارس على تعديلات الدستور.. وهي تعديلات لم تجد قبولا إلا ممن وضعوها.. الجميع قابل التعديلات بالرفض منذ أول يوم، شباب الثورة والأحزاب والمهتمين بالشأن العام الكل أجمع على الرفض.. لأن الدستور رغم التعديل يمنح رئيس الجمهورية سلطات مطلقه، فالرئيس محور كل السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، سلطات تصنع من رئيس الدولة ديكتاتور في بضعة أشهر..
الآن وفي تلك اللحظة التي أكتب فيها هذه الأسطر هناك تاريخ مصري جديد يكتب.. اليوم الجمعة 4 مارس 2011 يوم سيذكره التاريخ المصري طويلا.. فاليوم لأول مرة في تاريخ مصر الحديث يأتي رئيس حكومة، بإرادة الجماهير ويستمد شرعيته منهم.. اليوم وقف رئيس الوزراء الجديد د.عصام شرف بين الثوار في ميدان التحرير وأعلن انحيازه لمطالب الثورة.. كنت قد اندهشت عندما عرفت أن شباب الثورة
اعتصامات وإضرابات في كل مكان.. في الشركات الكبري والمصانع والبنوك.. أخيرا استطاع الكثيرون من الأغلبية الصامتة أو التي كانت صامتة أن يرفعوا أصواتهم للمطالبة بحقوقهم المهدرة، والتي كانوا لا يطالبون بها.. إما خوفا من توحش الأمن أو يأسا من تحقق مطالبهم، حيث لا يوجد من يهتم بالبحث في مطالب الجماهير.
الآن.. ولحظة كتابة هذا المقال أذىع الخبر الذى ىنتظره ملاىىن المصرىىن «تنحى مبارك».. ىاالله فرحة هسترىة: صراخ.. فرح.. زغارىد النساء. شاشات التلىفزىون تنقل الفرحة العارمة التى سىطرت على جموع المصرىىن فى كل شوارع مصر، خاصة فى مىدان التحرىر حىث سقط مئات الجرحى والشهداء «تنحى مبارك» كلمتان فقط كلمتان لا أكثر لكنهما تعنىان الكثىر والكثىر تعنىان أولا أن الشعب المصرى له كلمة..
مجزرة مازالت مستمر منذ ساعات في ميدان التحرير اليوم الأربعاء 2 فبراير وحتي كتابة أسطر هذا المقال في السابعة مساءً.. بلطجية الحزب الوطني جاءوا مدججين بالأسلحة النارية والأسلحة البيضاء، والعصي وقنابل المولتوف والجنازير الحديدية والشوم، في مواجهة الشباب المعتصم في الميدان منذ أيام، شباب واع مثقف مسالم إنه ليس حزبًا معارضًا إنما هم حزب الإنترنت جاء أعزلاً من جميع أرجاء مصر يحتج ويعترضعلى سياسات الحزب الحاكم الذي حكم مصرعلى مدي ثلاثين سنة بالطوارئ،
شتان بين ما يحدث في مصر وبين ما يحدث في (تونس) في تونس الاضطرابات أدت بعد أقل من شهر بالعصف بالرئيس زين العابدين بن على (74 عاما) والذي حكم تونس 23 عاما، وها هو يغادر البلاد اليوم الجمعة ساعة كتابة هذا المقال إلى جهة غير معلومة، بعد عدة ساعات فقط من إعلان حالة الطوارئ..